Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الحديد - الآية 19

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُولَٰئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ ۖ وَالشُّهَدَاءُ عِندَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ ۖ وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (19) (الحديد) mp3
وَقَوْله تَعَالَى " وَاَلَّذِينَ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَرُسُله أُولَئِكَ هُمْ الصِّدِّيقُونَ " هَذَا تَمَام لِجُمْلَةِ وَصْف الْمُؤْمِنِينَ بِاَللَّهِ وَرُسُله بِأَنَّهُمْ صِدِّيقُونَ قَالَ الْعَوْفِيّ عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى " وَاَلَّذِينَ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَرُسُله أُولَئِكَ هُمْ الصِّدِّيقُونَ " هَذِهِ مَفْصُولَة " وَالشُّهَدَاء عِنْد رَبّهمْ لَهُمْ أَجْرهمْ وَنُورهمْ " وَقَالَ أَبُو الضُّحَى " أُولَئِكَ هُمْ الصِّدِّيقُونَ " ثُمَّ اِسْتَأْنَفَ الْكَلَام فَقَالَ " وَالشُّهَدَاء عِنْد رَبّهمْ " وَهَكَذَا قَالَ مَسْرُوق وَالضَّحَّاك وَمُقَاتِل بْن حَيَّان وَغَيْرهمْ وَقَالَ الْأَعْمَش عَنْ أَبِي الضُّحَى عَنْ مَسْرُوق عَنْ عَبْد اللَّه بْن مَسْعُود فِي قَوْله تَعَالَى " أُولَئِكَ هُمْ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء عِنْد رَبّهمْ " قَالَ هُمْ ثَلَاثه أَصْنَاف : يَعْنِي الْمُصَّدِّقِينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَمَنْ يُطِعْ اللَّه وَالرَّسُول فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّه عَلَيْهِمْ مِنْ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ " فَفَرَّقَ بَيْن الصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُمَا صِنْفَانِ وَلَا شَكّ أَنَّ الصِّدِّيق أَعْلَى مَقَامًا مِنْ الشَّهِيد كَمَا رَوَاهُ الْإِمَام مَالِك بْن أَنَس رَحِمَهُ اللَّه فِي كِتَابه الْمُوَطَّأ عَنْ صَفْوَان بْن سُلَيْم عَنْ عَطَاء بْن يَسَار عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ أَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ " إِنَّ أَهْل الْجَنَّة لَيَتَرَاءَوْنَ أَهْل الْغُرَف مِنْ فَوْقهمْ كَمَا تَتَرَاءَوْنَ الْكَوْكَب الدُّرِّيّ الْغَابِر فِي الْأُفُق مِنْ الْمَشْرِق أَوْ الْمَغْرِب لِتَفَاضُلِ مَا بَيْنهمْ" قَالَ يَا رَسُول اللَّه تِلْكَ مَنَازِل الْأَنْبِيَاء لَا يَبْلُغهَا غَيْرهمْ قَالَ " بَلَى وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ رِجَال آمَنُوا بِاَللَّهِ وَصَدَّقُوا الْمُرْسَلِينَ " اِتَّفَقَ الْبُخَارِيّ وَمُسْلِم عَلَى إِخْرَاجه مِنْ حَدِيث مَالِك بِهِ . وَقَالَ آخَرُونَ بَلْ الْمُرَاد مِنْ قَوْله تَعَالَى " أُولَئِكَ هُمْ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء عِنْد رَبّهمْ " فَأَخْبَرَ عَنْ الْمُؤْمِنِينَ بِاَللَّهِ وَرُسُله بِأَنَّهُمْ صِدِّيقُونَ وَشُهَدَاء حَكَاهُ اِبْن جَرِير عَنْ مُجَاهِد ثُمَّ قَالَ اِبْن جَرِير حَدَّثَنِي صَالِح بْن حَرْب أَبُو مَعْمَر حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيل بْن يَحْيَى حَدَّثَنَا اِبْن عَجْلَان عَنْ زَيْد بْن أَسْلَم عَنْ الْبَرَاء بْن عَازِب قَالَ : سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول : " مُؤْمِنُوا أُمَّتِي شُهَدَاء " قَالَ ثُمَّ تَلَا النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الْآيَة " وَاَلَّذِينَ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَرُسُله أُولَئِكَ هُمْ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء عِنْد رَبّهمْ " هَذَا حَدِيث غَرِيب. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق عَنْ عَمْرو بْن مَيْمُون فِي قَوْله تَعَالَى" وَاَلَّذِينَ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَرُسُله أُولَئِكَ هُمْ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَدَاء عِنْد رَبّهمْ لَهُمْ أَجْرهمْ وَنُورهمْ " قَالَ يَجِيئُونَ يَوْم الْقِيَامَة مَعًا كَالْأُصْبُعَيْنِ . وَقَوْله تَعَالَى " وَالشُّهَدَاء عِنْد رَبّهمْ " أَيْ فِي جَنَّات النَّعِيم كَمَا جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ إِنَّ أَرْوَاح الشُّهَدَاء فِي حَوَاصِل طَيْر خُضْر تُسَرَّح فِي الْجَنَّة حَيْثُ شَاءَتْ ثُمَّ تَأْوِي إِلَى تِلْكَ الْقَنَادِيل فَاطَّلَعَ عَلَيْهِمْ رَبّك اِطِّلَاعَة فَقَالَ مَاذَا تُرِيدُونَ ؟ فَقَالُوا نُحِبّ أَنْ تَرُدّنَا إِلَى الدَّار الدُّنْيَا فَنُقَاتِل فِيك فَنُقْتَل كَمَا قُتِلْنَا أَوَّل مَرَّة فَقَالَ إِنِّي قَدْ قَضَيْت أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لَا يَرْجِعُونَ " وَقَوْله تَعَالَى " لَهُمْ أَجْرهمْ وَنُورهمْ" أَيْ لَهُمْ عِنْد اللَّه أَجْر جَزِيل وَنُور عَظِيم يَسْعَى بَيْن أَيْدِيهمْ وَهُمْ فِي ذَلِكَ يَتَفَاوَتُونَ بِحَسْب مَا كَانُوا فِي الدَّار الدُّنْيَا مِنْ الْأَعْمَال كَمَا قَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن إِسْحَاق حَدَّثَنَا اِبْن لَهِيعَة عَنْ عَطَاء بْن دِينَار عَنْ أَبِي يَزِيد الْخَوْلَانِيّ قَالَ : سَمِعْت فَضَالَة بْن عُبَيْد يَقُول سَمِعْت عُمَر بْن الْخَطَّاب يَقُول سَمِعْت رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول " الشُّهَدَاء أَرْبَعَة رَجُل مُؤْمِن جَيِّد الْإِيمَان لَقِيَ الْعَدُوّ فَصَدَّقَ اللَّه فَقَتْل فَذَاكَ الَّذِي يَنْظُر النَّاس إِلَيْهِ هَكَذَا وَرَفَعَ رَأْسه حَتَّى سَقَطَتْ قَلَنْسُوَة رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَلَنْسُوَة عُمَر وَالثَّانِي مُؤْمِن لَقِيَ الْعَدُوّ فَكَأَنَّمَا يَضْرِب ظَهْره بِشَوْكِ الطَّلْح جَاءَهُ سَهْم غَرْب فَقَتَلَهُ فَذَاكَ فِي الدَّرَجَة الثَّانِيَة وَالثَّالِث رَجُل مُؤْمِن خَلَطَ عَمَلًا صَالِحًا وَآخَر سَيِّئًا لَقِيَ الْعَدُوّ فَصَدَّقَ اللَّه حَتَّى قُتِلَ فَذَاكَ فِي الدَّرَجَة الثَّالِثَة وَالرَّابِع رَجُل مُؤْمِن أَسْرَفَ عَلَى نَفْسه إِسْرَافًا كَثِيرًا لَقِيَ الْعَدُوّ فَصَدَّقَ اللَّه حَتَّى قُتِلَ فَذَاكَ فِي الرَّابِعَة " وَهَكَذَا رَوَاهُ عَلِيّ بْن الْمَدِينِيّ عَنْ أَبِي دَاوُد الطَّيَالِسِيّ عَنْ اِبْن الْمُبَارَك عَنْ اِبْن لَهِيعَة وَقَالَ هَذَا إِسْنَاد مِصْرِيّ صَالِح وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيّ مِنْ حَدِيث اِبْن لَهِيعَة وَقَالَ حَسَن غَرِيب . وَقَوْله تَعَالَى " وَاَلَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُولَئِكَ أَصْحَاب الْجَحِيم " لَمَّا ذُكِرَ السُّعَدَاء وَمَآلهمْ عَطَفَ بِذِكْرِ الْأَشْقِيَاء وَبَيَّنَ حَالهمْ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • دليل الحاج والمعتمر

    دليل الحاج والمعتمر : أخي قاصد بيت الله .. إذا كان لكل ركب قائد، ولكل رحلة دليل؛ فإن قائد ركب الحجيج هو محمد - صلى الله عليه وسلم - ودليلهم هو هديه وسنته فهو القائل: { خذوا عني مناسككم }. ولذا كان لزاماً على كل من قصد بيت الله بحج أو عمرة أن يتعلم الهدي النبوي في ذلك عن طريق كتب المناسك الموثوقة وسؤال أهل العلم عما يشكل عليه. وبين يديك أيها الحاج الكريم هذا الكتاب الواضح في عبارته الجديد في شكله، يبسط لك أحكام الحج والعمرة، بالعبارة الواضحة والصورة الموضحة، آمل أن تجعله دليلاً لك في حجك وعمرتك ..

    الناشر: موقع مناسك http://www.mnask.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/191590

    التحميل:

  • الملتقط من كتاب طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم للإمام أحمد بن حنبل

    طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم : هذه الرسالة صنفها إمام أهل السنة والجماعة الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - ولما كانت هذه الرِّسالة قد فُقد أصلها إلا أنّ الله حفظها فيما نقله الأئمة متفرِّقًا منها، ولذا قام فضيلة الدكتور: عبدالعزيز بن محمد بن عبدالله السدحان - وفقه الله - بجمع ما تفرَّق من هذه الرسالة في أمهات كتب الأئمة، فصارت - ولله الحمد - ماثلةً بين أيدي طلبة العلم، والحاجة ماسَّة إليها في هذا الزمان الذي كثُر فيه التعالم. - قدم لها: فضيلة الشيخ الدكتور صالح بن فوزان الفوزان - حفظه الله -.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/233547

    التحميل:

  • الدعوة إلى الله فوائد وشواهد

    الدعوة إلى الله فوائد وشواهد: قال المصنف - حفظه الله -: «فإن الدعوة إلى الله من أعظم القربات وأجل الطاعات. وسبق أن قدمت حلقتين في بث مباشر من إذاعة القرآن الكريم بالرياض بعنوان: «الدعوة إلى الله فوائد وشواهد». وقد رغب بعض الإخوة أن تخرج في كتيب تعميمًا للفائدة».

    الناشر: دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/229627

    التحميل:

  • الإلحاد الخميني في أرض الحرمين

    الإلحاد الخميني في أرض الحرمين: كتابٌ قيِّم في بيان بعض مُعتقدات الروافض. وقد قدَّمه الشيخ - رحمه الله - بذكر بابٍ من أبواب كتاب «العقد الثمين» والذي فيه ذكر حوادث وقعت على مر العصور في الحرمين أو المسجد الحرام؛ من سفك للدماء وقتل للأبرياء وسلب ونهب وعدم أمن للحُجَّاج وغير ذلك. ثم قارَن الشيخُ بين حالنا في ظل الأمن والأمان وبين أحوال من سبقَنا والذين كانت هذه حالُهم، وبيَّن في ثنايا الكتاب أهم ما يدل على مُشابهة الروافض لليهود في المُعتقَدات والمعاملات، ثم ختمَ بذكر فضائل الصحابة على ترتيبهم في الأفضلية، وحرمة سبِّهم ولعنهم.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/380511

    التحميل:

  • حاشية كتاب التوحيد

    كتاب التوحيد : هو كتاب يحتوي على بيان لعقيدة أهل السنة والجماعة بالدليل من القرآن الكريم والسنة النبوية، قال عنه المصنف ـ رحمه الله ـ في حاشيته : « كتاب التوحيد الذي ألفه شيخ الإسلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب ـ أجزل الله له الأجر والثواب ـ ليس له نظير فـي الوجود، قد وضّح فيه التوحيد الذي أوجبه الله على عباده وخلقهم لأجله، ولأجله أرسله رسله، وأنزل كتبه، وذكر ما ينافيه من الشرك الأكبر أو ينافي كماله الواجب من الشرك الأصغر والبدع وما يقرب من ذلك أو يوصل إليه، فصار بديعاً فـي معناه لم يسبق إليه، علماً للموحدين، وحجة على الملحدين، واشتهر أي اشتهار، وعكف عليه الطلبة، وصار الغالب يحفظه عن ظهر قلب، وعمَّ النفع به ... ».

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/70851

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة