Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة آل عمران - الآية 195

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ ۖ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ ۖ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِّنْ عِندِ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ (195) (آل عمران) mp3
يَقُول تَعَالَى " فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبّهمْ " أَيْ فَأَجَابَهُمْ رَبّهمْ كَمَا قَالَ الشَّاعِر : وَدَاعٍ دَعَا يَا مَنْ يُجِيب إِلَى النَّدَى فَلَمْ يَسْتَجِبْهُ عِنْد ذَاكَ مُجِيب قَالَ سَعِيد بْن مَنْصُور حَدَّثَنَا سُفْيَان عَنْ عَمْرو بْن دِينَار عَنْ سَلَمَة رَجُل مِنْ آل أُمّ سَلَمَة قَالَ قَالَتْ أُمّ سَلَمَة : يَا رَسُول اللَّه لَا نَسْمَع اللَّه ذَكَرَ النِّسَاء فِي الْهِجْرَة بِشَيْءٍ . فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى " فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبّهمْ أَنِّي لَا أُضِيع عَمَلَ عَامِل مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى " إِلَى آخِر الْآيَة : وَقَالَتْ الْأَنْصَار هِيَ أَوَّل ظَعِينَة قَدِمَتْ عَلَيْنَا وَقَدْ رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْرَكه مِنْ حَدِيث سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ. ثُمَّ قَالَ صَحِيح عَلَى شَرْط الْبُخَارِيّ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ . وَقَدْ رَوَى اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ مُجَاهِد عَنْ أُمّ سَلَمَة قَالَتْ : آخِر آيَة نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة . " فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبّهمْ أَنِّي لَا أُضِيع عَمَلَ عَامِل مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضكُمْ مِنْ بَعْض " إِلَى آخِرهَا . رَوَاهُ اِبْن مَرْدُوَيه وَمَعْنَى الْآيَة أَنَّ الْمُؤْمِنِينَ ذَوِي الْأَلْبَاب لَمَّا سَأَلُوا مَا سَأَلُوا مِمَّا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبّهمْ عَقِب ذَلِكَ بِفَاءِ التَّعْقِيب كَمَا قَالَ تَعَالَى " وَإِذَا سَأَلَك عِبَادِي عَنِّي فَإِنَى قَرِيب أُجِيب دَعْوَة الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ " وَقَوْله تَعَالَى " أَنِّي لَا أُضِيع عَمَلَ عَامِل مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى " هَذَا تَفْسِير لِلْإِجَابَةِ أَيْ قَالَ لَهُمْ مُخْبِرًا أَنَّهُ لَا يُضِيع عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ لَدَيْهِ بَلْ يُوَفِّي كُلّ عَامِل بِقِسْطِ عَمَله مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَقَوْله " بَعْضكُمْ مِنْ بَعْض " أَيْ جَمِيعكُمْ فِي ثَوَابِي سَوَاء " فَاَلَّذِينَ هَاجَرُوا " أَيْ تَرَكُوا دَار الشِّرْك وَأَتَوْا إِلَى دَار الْإِيمَان وَفَارَقُوا الْأَحْبَاب وَالْإِخْوَان وَالْخِلَّانِ وَالْجِيرَان " وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارهمْ " أَيْ ضَايَقَهُمْ الْمُشْرِكُونَ بِالْأَذَى حَتَّى أَلْجَئُوهُمْ إِلَى الْخُرُوج مِنْ بَيْن أَظْهُرِهِمْ وَلِهَذَا قَالَ " وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي " أَيْ إِنَّمَا كَانَ ذَنْبهمْ إِلَى النَّاس أَنَّهُمْ آمَنُوا بِاَللَّهِ وَحْدَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى " يُخْرِجُونَ الرَّسُول وَإِيَّاكُمْ أَنْ تُؤْمِنُوا بِاَللَّهِ رَبّكُمْ " وَقَالَ تَعَالَى " وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاَللَّهِ الْعَزِيز الْحَمِيد " وَقَوْله تَعَالَى " وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا " وَهَذَا أَعْلَى الْمَقَامَات أَنْ يُقَاتِل فِي سَبِيل اللَّه فَيُعْقَر جَوَاده وَيُعَفَّر وَجْهه بِدَمِهِ وَتُرَابه. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ رَجُلًا قَالَ : يَا رَسُول اللَّه أَرَأَيْت إِنْ قُتِلْت فِي سَبِيل اللَّه صَابِرًا مُحْتَسِبًا مُقْبِلًا غَيْر مُدْبِر أَيُكَفِّرُ اللَّه عَنِّي خَطَايَايَ ؟ قَالَ : نَعَمْ ؟ ثُمَّ قَالَ : كَيْفَ قُلْت فَأَعَادَ عَلَيْهِ مَا قَالَ فَقَالَ : " نَعَمْ إِلَّا الَّذِي قَالَهُ لِي جِبْرِيل آنِفًا " وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتهمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُم جَنَّات تَجْرِي مِنْ تَحْتهَا الْأَنْهَار " أَيْ تَجْرِي فِي خِلَالهَا الْأَنْهَار مِنْ أَنْوَاع الْمَشَارِب مِنْ لَبَن وَعَسَل وَخَمْر وَمَاء غَيْر آسِن وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا لَا عَيْن رَأَتْ وَلَا أُذُن سَمِعَتْ وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْب بَشَر وَقَوْله " ثَوَابًا مِنْ عِنْد اللَّه " أَضَافَهُ إِلَيْهِ وَنَسَبَهُ إِلَيْهِ لِيَدُلّ عَلَى أَنَّهُ عَظِيم لِأَنَّ الْعَظِيم الْكَرِيم لَا يُعْطِي إِلَّا جَزِيلًا كَثِيرًا كَمَا قَالَ الشَّاعِر : إِنْ يُعَذِّب يَكُنْ غَرَامًا وَإِنْ يُعْ طِ جَزِيلًا فَإِنَّهُ لَا يُبَالِي وَقَوْله تَعَالَى " وَاَللَّه عِنْدَهُ حُسْن الثَّوَاب " أَيْ عِنْدَهُ حُسْن الْجَزَاء لِمَنْ عَمِلَ صَالِحًا . قَالَ اِبْن أَبَى حَاتِم : ذُكِرَ عَنْ دُحَيْم بْن إِبْرَاهِيم قَالَ الْوَلِيد بْن مُسْلِم أَخْبَرَنِي جَرِير بْن عُثْمَان أَنَا شَدَّاد بْن أَوْس كَانَ يَقُول : أَيّهَا النَّاس لَا تَتَّهِمُوا اللَّه فِي قَضَائِهِ فَاَللَّه لَا يَبْغِي عَلَى مُؤْمِن فَإِذَا أَنْزَلَ بِأَحَدِكُمْ شَيْئًا مِمَّا يُحِبّ فَلْيَحْمَدْ اللَّه وَإِذَا أَنْزَلَ بِهِ شَيْئًا مِمَّا يَكْرَهُ فَلْيَصْبِرْ وَلْيَحْتَسِبْ فَإِنَّ اللَّه عِنْده حُسْن الثَّوَاب .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • سنن الترمذي

    سنن الترمذي ويقال له الجامع، مِن أهم كتب الحديث وأكثرها فوائد، اعتنى فيه مؤلِّفُه بجمع الأحاديث وترتيبها، وبيان فقهها، وذكر أقوال الصحابة والتابعين وغيرهم في المسائل الفقهية، ومن لم يذكر أحاديثهم من الصحابة أشار إليها بقوله:وفي الباب عن فلان وفلان، واعتنى ببيان درجة الأحاديث من الصحة والحسن والضعف. - وعددُ كتب جامع الترمذي خمسون كتاباً، وعدد أحاديثه (3956) حديثٍ، وأحسن شروح جامع الترمذي كتاب "تحفة الأحوذي" للشيخ عبد الرحمن المباركفوري المتوفى سنة (1353هـ).

    الناشر: موقع أم الكتاب http://www.omelketab.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/140682

    التحميل:

  • نداء رب العالمين لعباده المؤمنين

    نداء رب العالمين لعباده المؤمنين : قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: إذا سمعت يا أيها الذين آمنوا فأصغ لها سمعك فإنه خير تؤمر به أو شر تصرف عنه، وفي هذا الكتاب قام المصنف - حفظه الله - بجمع هذه النداءات، وقد بلغت هذه النداءات (89) نداءاً في مختلف الموضوعات التي تمس حياة المسلم، ثم قام بجمع شرحها من كتب التفسير المعتمدة، وحرص على تقديمها بأسلوب سهل يفهمه المتلقي العادي.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/66735

    التحميل:

  • ذكريات تائب

    ذكريات تائب: سطَّر الشيخ - حفظه الله - في هذه الذكريات قصصًا لبعض التائبين من المعاصي والذنوب قديمًا وحديثًا؛ لأخذ العبرة والعِظة.

    الناشر: موقع الشيخ العريفي www.arefe.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/336170

    التحميل:

  • عذرًا رسول الله صلى الله عليه وسلم

    عذرًا رسول الله صلى الله عليه وسلم: رسالة مختصرة في الرد على الهجمة الشرسة ضد نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، وقد بيَّن فيها المؤلف شيئًا من جوانب العظمة في سيرة النبي - عليه الصلاة والسلام -، وبعض النماذج المشرقة من دفاع الصحابة - رضي الله عنهم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.

    الناشر: موقع رسول الله http://www.rasoulallah.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/354329

    التحميل:

  • حصن المسلم من أذكار الكتاب والسنة

    حصن المسلم: في هذه الصفحة عدة نسخ الكترونية مميزة من كتاب حصن المسلم ب33 لغة عالمية، مع قراءة صوتية له لعدة قراء، وهم: فارس عباد، حمد الدريهم، وليد أبو زياد، سليمان الشويهي، وحصن المسلم هو كتيب مبارك احتوى على جل ما يحتاجه المسلم من الأدعية والأذكار في يومه وليله، وما يحزبه له من أمور عارضة في شؤون حياته؛ وقد قمنا بإضافته مع إضافة شرحه وقراءة صوتية له، وأيضًا إضافته بأكثر من ثلاثين لغة عالمية.

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com - مؤسسة الجريسي للتوزيع والإعلان

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2522

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة