Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الإسراء - الآية 12

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آيَتَيْنِ ۖ فَمَحَوْنَا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِّتَبْتَغُوا فَضْلًا مِّن رَّبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ ۚ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا (12) (الإسراء) mp3
يَمْتَنّ تَعَالَى عَلَى خَلْقه بِآيَاتِهِ الْعِظَام فَمِنْهَا مُخَالَفَته بَيْن اللَّيْل وَالنَّهَار لِيَسْكُنُوا فِي اللَّيْل وَيَنْتَشِرُوا فِي النَّهَار لِلْمَعَايِشِ وَالصَّنَائِع وَالْأَعْمَال وَالْأَسْفَار وَلِيَعْلَمُوا عَدَد الْأَيَّام وَالْجُمَع وَالشُّهُور وَالْأَعْوَام وَيَعْرِفُوا مُضِيّ الْآجَال الْمَضْرُوبَة لِلدُّيُونِ وَالْعِبَادَات وَالْمُعَامَلَات وَالْإِجَارَات وَغَيْر ذَلِكَ لِهَذَا قَالَ " لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبّكُمْ " أَيْ فِي مَعَايِشكُمْ وَأَسْفَاركُمْ وَنَحْو ذَلِكَ " وَلِتَعْلَمُوا عَدَد السِّنِينَ وَالْحِسَاب " فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ الزَّمَان كُلّه نَسَقًا وَاحِدًا وَأُسْلُوبًا مُتَسَاوِيًا لَمَا عُرِفَ شَيْء مِنْ ذَلِكَ كَمَا قَالَ تَعَالَى " قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّه عَلَيْكُمْ اللَّيْل سَرْمَدًا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة مَنْ إِلَه غَيْر اللَّه يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّه عَلَيْكُمْ النَّهَار سَرْمَدًا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة مَنْ إِلَه غَيْر اللَّه يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ وَمِنْ رَحْمَته جَعَلَ لَكُمْ اللَّيْل وَالنَّهَار لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْله وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ " وَقَالَ تَعَالَى " تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا . وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْل وَالنَّهَار خِلْفَة لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّر أَوْ أَرَادَ شُكُورًا " وَقَالَ تَعَالَى " وَلَهُ اِخْتِلَاف اللَّيْل وَالنَّهَار " وَقَالَ " يُكَوِّر اللَّيْل عَلَى النَّهَار وَيُكَوِّر النَّهَار عَلَى اللَّيْل وَسَخَّرَ الشَّمْس وَالْقَمَر كُلّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى أَلَا هُوَ الْعَزِيز الْغَفَّار " وَقَالَ تَعَالَى " فَالِق الْإِصْبَاح وَجَعَلَ اللَّيْل سَكَنًا وَالشَّمْس وَالْقَمَر حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِير الْعَزِيز الْعَلِيم " وَقَالَ تَعَالَى " وَآيَة لَهُمْ اللَّيْل نَسْلُخ مِنْهُ النَّهَار فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ . وَالشَّمْس تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِير الْعَزِيز الْعَلِيم " ثُمَّ إِنَّهُ تَعَالَى جَعَلَ اللَّيْل آيَة أَيْ عَلَامَة يُعْرَف بِهَا وَهِيَ الظَّلَام وَظُهُور الْقَمَر فِيهِ وَلِلنَّهَارِ عَلَامَة وَهِيَ النُّور وَطُلُوع الشَّمْس النَّيِّرَة فِيهِ وَفَاوَتَ بَيْن نُور الْقَمَر وَضِيَاء الشَّمْس لِيُعْرَف هَذَا مِنْ هَذَا كَمَا قَالَ تَعَالَى " هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْس ضِيَاء وَالْقَمَر نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِل لِتَعْلَمُوا عَدَد السِّنِينَ وَالْحِسَاب مَا خَلَقَ اللَّه ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ " إِلَى قَوْله " لَآيَات لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ" وَقَالَ تَعَالَى " يَسْأَلُونَك عَنْ الْأَهِلَّة قُلْ هِيَ مَوَاقِيت لِلنَّاسِ وَالْحَجّ " الْآيَة قَالَ اِبْن جُرَيْج عَنْ عَبْد اللَّه بْن كَثِير فِي قَوْله فَمَحَوْنَا آيَة اللَّيْل وَجَعَلْنَا آيَة النَّهَار مُبْصِرَة " قَالَ ظُلْمَة اللَّيْل وَسَدَف النَّهَار وَقَالَ اِبْن جُرَيْج عَنْ مُجَاهِد الشَّمْس آيَة النَّهَار وَالْقَمَر آيَة اللَّيْل " فَمَحَوْنَا آيَة اللَّيْل" قَالَ : السَّوَاد الَّذِي فِي الْقَمَر وَكَذَلِكَ خَلَقَهُ اللَّه تَعَالَى وَقَالَ اِبْن جُرَيْج قَالَ اِبْن عَبَّاس : كَانَ الْقَمَر يُضِيء كَمَا تُضِيء الشَّمْس وَالْقَمَر آيَة اللَّيْل وَالشَّمْس آيَة النَّهَار فَمَحَوْنَا آيَة اللَّيْل السَّوَاد الَّذِي فِي الْقَمَر وَقَدْ رَوَى أَبُو جَعْفَر بْن جَرِير مِنْ طُرُق مُتَعَدِّدَة جَيِّدَة أَنَّ اِبْن الْكَوَّاء سَأَلَ أَمِير الْمُؤْمِنِينَ عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب فَقَالَ : يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ مَا هَذِهِ اللَّطْخَة الَّتِي فِي الْقَمَر ؟ فَقَالَ وَيْحك أَمَا تَقْرَأ الْقُرْآن ؟ فَمَحَوْنَا آيَة اللَّيْل فَهَذِهِ مَحْوه وَقَالَ قَتَادَة فِي قَوْله " فَمَحَوْنَا آيَة اللَّيْل " كُنَّا نُحَدَّث أَنَّ مَحْو آيَة اللَّيْل سَوَاد الْقَمَر الَّذِي فِيهِ وَجَعَلْنَا آيَة النَّهَار مُبْصِرَة أَيْ مُنِيرَة وَخَلَقَ الشَّمْس أَنْوَر مِنْ الْقَمَر وَأَعْظَم وَقَالَ اِبْن أَبِي نَجِيح عَنْ اِبْن عَبَّاس " وَجَعَلْنَا اللَّيْل وَالنَّهَار آيَتَيْنِ " قَالَ لَيْلًا وَنَهَارًا كَذَلِكَ خَلَقَهُمَا اللَّه عَزَّ وَجَلَّ.
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • الصيام آداب وأحكام

    الصيام آداب وأحكام : رسالة شاملة للشيخ ابن جبرين - رحمه الله - بينت بعض آداب الصيام وأحكامه، إضافة إلى بيان شيء من أحكام الاعتكاف وفضل العشر الأواخر من رمضان، وأحكام زكاة الفطر، وأحكام العيد ثم خاتمة في وداع الشهر الكريم.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/230525

    التحميل:

  • الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد الهادي إلى سبيل الرشاد

    لمعة الاعتقاد : رسالة مختصرة للعلامة ابن قدامة المقدسي - رحمه الله - بين فيها عقيدة أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات، والقدر، واليوم الآخر، وما يجب تجاه الصحابة، والموقف من أهل البدع، وقد قام عدد من أهل العلم بشرحها وبيان معانيها، ومن هؤلاء فضيلة الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين - رحمه الله - في كتابه الإرشاد شرح لمعة الاعتقاد.

    الناشر: دار طيبة للنشر والتوزيع

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/313420

    التحميل:

  • البراهين الإنجيلية على أن عيسى عليه السلام داخل في العبودية ولا حظ له في الألوهية

    هذه رسالة لطيفة مختصرة ناقش فيها الشيخ - رحمه الله - دعوى النصارى من كتابهم، وبيَّن كذبَهم وتلبيسَهم، فأوضَحَ: 1- إثبات عبودية عيسى - عليه السلام - من كتابهم الإنجيل مع ما حصل عليه من التحريف والتزييف. 2- الأدلة البيِّنة من الإنجيل أن عيسى - عليه السلام - من البشر. 3- كشف أسطورة صلب المسيح وبيان وهنها وضعفها. 4- تبشير الإنجيل - على ما فيه من تحريف - بنبوَّة محمد - صلى الله عليه وسلم -. 5- بيان بعض حكاياته مع بعض مُتعصِّبة النصارى ورد شيءٍّ من شُبَههم. 6- العتب على المسلمين لتقصيرهم في هذا الجانب.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/343862

    التحميل:

  • العلاقة المثلى بين العلماء والدعاة ووسائل الاتصال الحديثة في ضوء الكتاب والسنة

    العلاقة المثلى بين العلماء والدعاة ووسائل الاتصال الحديثة في ضوء الكتاب والسنة: بحثٌ مختصر في «العلاقة المثلى بين العلماء والدعاة، ووسائل الاتصال الحديثة» ألَّفه الشيخ - حفظه الله - قديمًا، ثم نظر فيه مؤخرًا، فوجده مفيدًا لخطر وسائل الإعلام الحديثة إذا تُرِك الحبل على الغارب لدعاة الضلالة، فهو يُبيِّن فيه واقع وسائل الاتصال الحديثة وبعض فوائدها وكثير ضررها، مع بيان ضرورة الدعوة إلى الله بالحكمة، ثم ذكر في الأخير خطر وأهمية وسائل الاتصال الحديثة، وذكر بعض الأمثلة على هذه الوسائل وكيفية الاستفادة منها في نشر العلم والدعوة إلى الله تعالى، وكل ذلك مشفوعٌ بالدليل من الكتاب والسنة وأقوال العلماء المعاصرين.

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/320895

    التحميل:

  • تيسير الوصول إلى ثلاثة الأصول

    ثلاثة الأصول وأدلتها : رسالة مختصرة ونفيسة تحتوي على الأصول الواجب على الإنسان معرفتها من معرفة العبد ربه, وأنواع العبادة التي أمر الله بها، ومعرفة العبد دينه، ومراتب الدين، وأركان كل مرتبة، ومعرفة النبي - صلى الله عليه وسلم - في نبذة من حياته، والحكمة من بعثته، والإيمان بالبعث والنشور، وركنا التوحيد وهما الكفر بالطاغوت,والإيمان بالله، وقد قام بشرحها فضيلة الشيخ عبد المحسن القاسم - حفظه الله -، وقسم الشرح على دروس ليسهل دراستها.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2395

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة