Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الأنعام - الآية 33

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ ۖ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَٰكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (33) (الأنعام) mp3
يَقُول تَعَالَى مُسَلِّيًا لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي تَكْذِيب قَوْمه لَهُ وَمُخَالَفَتهمْ إِيَّاهُ " قَدْ نَعْلَم إِنَّهُ لَيَحْزُنُك الَّذِي يَقُولُونَ " أَيْ قَدْ أَحَطْنَا عِلْمًا بِتَكْذِيبِهِمْ لَك وَحُزْنك وَتَأَسُّفك عَلَيْهِمْ كَقَوْلِهِ " فَلَا تَذْهَب نَفْسك عَلَيْهِمْ حَسَرَات " كَمَا قَالَ تَعَالَى فِي الْآيَة الْأُخْرَى" لَعَلَّك بَاخِع نَفْسك أَنْ لَا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ " " فَلَعَلَّك بَاخِع نَفْسك عَلَى آثَارهمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيث أَسَفًا " وَقَوْله " فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَك وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّه يَجْحَدُونَ " أَيْ لَا يَتَّهِمُونَك بِالْكَذِبِ فِي نَفْس الْأَمْر " وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّه يَجْحَدُونَ" أَيْ وَلَكِنَّهُمْ يُعَانِدُونَ الْحَقّ وَيَدْفَعُونَهُ بِصُدُورِهِمْ كَمَا قَالَ سُفْيَان الثَّوْرِيّ عَنْ أَبِي إِسْحَاق عَنْ نَاجِيَة بْن كَعْب عَنْ عَلِيّ قَالَ : قَالَ أَبُو جَهْل لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه تَعَالَى عَلَيْهِ وَآله وَسَلَّمَ : إِنَّا لَا نُكَذِّبك وَلَكِنْ نُكَذِّب مَا جِئْت بِهِ فَأَنْزَلَ اللَّه " فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَك وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّه يَجْحَدُونَ " رَوَاهُ الْحَاكِم مِنْ طَرِيق إِسْرَائِيل عَنْ أَبِي إِسْحَاق . ثُمَّ قَالَ : صَحِيح عَلَى شَرْط الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ . وَقَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن الْوَزِير الْوَاسِطِيّ بِمَكَّة حَدَّثَنَا بِشْر بْن الْمُبَشِّر الْوَاسِطِيّ عَنْ سَلَّام بْن مِسْكِين عَنْ أَبِي يَزِيد الْمَدَنِيّ أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقِيَ أَبَا جَهْل فَصَافَحَهُ قَالَ لَهُ رَجُل أَلَا أَرَاك تُصَافِح هَذَا الصَّابِئ ؟ فَقَالَ وَاَللَّه إِنِّي لَأَعْلَم إِنَّهُ لَنَبِيّ وَلَكِنْ مَتَى كُنَّا لِبَنِي عَبْد مَنَاف تَبَعًا ؟ وَتَلَا أَبُو يَزِيد " فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَك وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّه يَجْحَدُونَ " وَقَالَ أَبُو صَالِح وَقَتَادَة : يَعْلَمُونَ أَنَّك رَسُول اللَّه ويَجْحَدُونَ ; وَذَكَرَ مُحَمَّد بْن إِسْحَاق عَنْ الزُّهْرِيّ فِي قِصَّة أَبِي جَهْل حِين جَاءَ يَسْتَمِع قِرَاءَة النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ اللَّيْل هُوَ وَأَبُو سُفْيَان صَخْر بْن حَرْب وَالْأَخْنَس بْن شَرِيق وَلَا يَشْعُر أَحَد مِنْهُمْ بِالْآخَرِ فَاسْتَمَعُوهَا إِلَى الصَّبَاح فَلَمَّا هَجَمَ الصُّبْح تَفَرَّقُوا فَجَمَعَتْهُمْ الطَّرِيق فَقَالَ كُلّ مِنْهُمْ لِلْآخَرِ مَا جَاءَ بِك ؟ فَذَكَرَ لَهُ مَا جَاءَ بِهِ ثُمَّ تَعَاهَدُوا أَنْ لَا يَعُودُوا لِمَا يَخَافُونَ مِنْ عِلْم شَبَاب قُرَيْش بِهِمْ لِئَلَّا يُفْتَتَنُوا بِمَجِيئِهِمْ فَلَمَّا كَانَتْ اللَّيْلَة الثَّانِيَة جَاءَ كُلّ مِنْهُمْ ظَنًّا أَنَّ صَاحِبَيْهِ لَا يَجِيئَانِ لِمَا سَبَقَ مِنْ الْعُهُود فَلَمَّا أَصْبَحُوا جَمَعَتْهُمْ الطَّرِيق فَتَلَاوَمُوا ثُمَّ تَعَاهَدُوا أَنْ لَا يَعُودُوا فَلَمَّا كَانَتْ اللَّيْلَة الثَّالِثَة جَاءُوا أَيْضًا فَلَمَّا أَصْبَحُوا تَعَاهَدُوا أَنْ لَا يَعُودُوا لِمِثْلِهَا ثُمَّ تَفَرَّقُوا فَلَمَّا أَصْبَحَ الْأَخْنَس بْن شَرِيق أَخَذَ عَصَاهُ ثُمَّ خَرَجَ حَتَّى أَتَى أَبَا سُفْيَان بْن حَرْب فِي بَيْته فَقَالَ : أَخْبِرْنِي يَا أَبَا حَنْظَلَة عَنْ رَأْيك فِيمَا سَمِعْت مِنْ مُحَمَّد قَالَ يَا أَبَا ثَعْلَبَة وَاَللَّه لَقَدْ سَمِعْت أَشْيَاء أَعْرِفهَا وَأَعْرِف مَا يُرَاد بِهَا وَسَمِعْت أَشْيَاء مَا عَرَفْت مَعْنَاهَا وَلَا مَا يُرَاد بِهَا قَالَ الْأَخْنَس : وَأَنَا وَاَلَّذِي حَلَفْت بِهِ ثُمَّ خَرَجَ مِنْ عِنْده حَتَّى أَتَى أَبَا جَهْل فَدَخَلَ عَلَيْهِ فِي بَيْته فَقَالَ يَا أَبَا الْحَكَم مَا رَأْيك فِيمَا سَمِعْت مِنْ مُحَمَّد ؟ قَالَ مَاذَا سَمِعْت ؟ قَالَ تَنَازَعْنَا نَحْنُ وَبَنُو عَبْد مَنَاف الشَّرَف أَطْعَمُوا فَأَطْعَمْنَا وَحَمَلُوا فَحَمَلْنَا وَأَعْطَوْا فَأَعْطَيْنَا حَتَّى إِذَا تَجَاثَيْنَا عَلَى الرَّكْب وَكُنَّا كَفَرَسَيْ رِهَان قَالُوا : مِنَّا نَبِيّ يَأْتِيه الْوَحْي مِنْ السَّمَاء فَمَتَى نُدْرِك هَذِهِ ؟ وَاَللَّه لَا نُؤْمِن بِهِ أَبَدًا وَلَا نُصَدِّقهُ قَالَ فَقَامَ عَنْهُ الْأَخْنَس وَتَرَكَهُ . وَرَوَى اِبْن جَرِير مِنْ طَرِيق أَسْبَاط عَنْ السُّدِّيّ فِي قَوْله " قَدْ نَعْلَم إِنَّهُ لَيَحْزُنك الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَك وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّه يَجْحَدُونَ" لَمَّا كَانَ يَوْم بَدْر قَالَ الْأَخْنَس بْن شَرِيق لِبَنِي زُهْرَة : يَا بَنِي زُهْرَة إِنَّ مُحَمَّدًا اِبْن أُخْتكُمْ فَأَنْتُمْ أَحَقّ مَنْ ذَبَّ عَنْ اِبْن أُخْته فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ نَبِيًّا لِمَ تُقَاتِلُوهُ الْيَوْم وَإِنْ كَانَ كَاذِبًا كُنْتُمْ أَحَقّ مَنْ كَفَّ عَنْ اِبْن أُخْته قِفُوا حَتَّى أَلْقَى أَبَا الْحَكَم فَإِنْ غَلَبَ مُحَمَّد رَجَعْتُمْ سَالِمِينَ وَإِنْ غَلَبَ مُحَمَّد فَإِنَّ قَوْمكُمْ لَمْ يَصْنَعُوا بِكُمْ شَيْئًا - فَيَوْمئِذٍ سُمِّيَ الْأَخْنَس وَكَانَ اِسْمه أُبَيّ - فَالْتَقَى الْأَخْنَس بِأَبِي جَهْل فَخَلَّا بِهِ فَقَالَ يَا أَبَا الْحَكَم أَخْبِرْنِي عَنْ مُحَمَّد أَصَادِق هُوَ أَمْ كَاذِب فَإِنَّهُ لَيْسَ هَهُنَا مِنْ قُرَيْش غَيْرِي وَغَيْرك يَسْتَمِع كَلَامنَا ؟ فَقَالَ أَبُو جَهْل وَيْحك وَاَللَّه إِنَّ مُحَمَّدًا لَصَادِق وَمَا كَذَبَ مُحَمَّد قَطُّ وَلَكِنْ إِذَا ذَهَبَتْ بَنُو قُصَيّ بِاللِّوَاءِ وَالسِّقَايَة وَالْحِجَابَة وَالنُّبُوَّة فَمَاذَا يَكُون لِسَائِرِ قُرَيْش ؟ فَذَلِكَ قَوْله " فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَك وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّه يَجْحَدُونَ " فَآيَات اللَّه مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • لا بأس طهور إن شاء الله

    لا بأس طهور إن شاء الله : إن للمريض آداباً ينبغي له أن يتحلى بها حال مرضه، وللزائر آداباً أيضاً، وللمرض أحكاماً، وهو من أسباب التخفيف في العبادات؛ لذا كانت هذه الرسالة التي جمعت جملاً من الآداب والأحكام والفتاوى وبعض القصص التي تهم المريض في نفسه وعبادته وتعامله مع مرضه، وتهم الزائر له وتبين له آداب الزيارة.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/307921

    التحميل:

  • الدنيا ظل زائل

    الدنيا ظل زائل: قال المصنف - حفظه الله -: «فإن من رأى تهافت الناس على الدنيا والفرح بها والجري وراء حطامها ليأخذه العجب.. فهل هذا منتهى الآمال ومبتغى الآجال؟! كأنهم ما خلقوا إلا لتحصيل المادة وجمعها واللهث ورائها. ونسوا يومًا يرجعون فيه إلى الله. وهذا هو الجزء السابع من سلسلة «أين نحن من هؤلاء؟!» تحت عنوان «الدنيا ظل زائل» جمعت فيه نظر من كان قبلنا إلى هذه الحياة الدنيا وهم الذين أيقنوا وعلموا أنها دار ممر ومحطة توقف ثم بعدها الرحيل الأكيد والحساب والجزاء. والكتاب فيه تذكير بالمعاد والمصير وتزويد للسائر على الطريق».

    الناشر: دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/229613

    التحميل:

  • صفات الزوجة الصالحة

    صفات الزوجة الصالحة: كلماتٌ مختصرةٌ في ذكر صفات الزوجة الصالحة المأمول تطبيقها من نساء المسلمين; وهي مُوجَّهةٌ لكل ولي أمرٍ تحته بنات أو نساء; وكل بنتٍ لم تتزوَّج بعد; وكل امرأةٍ متزوِّجة حتى تتخلَّق بهذه الأخلاق; وتتحلَّى بتلك الصفات.

    الناشر: موقع الشيخ عبد الرزاق البدر http://www.al-badr.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/316842

    التحميل:

  • مرحبًا بأهل البيت

    مرحبًا بأهل البيت: يُبيِّن المؤلف في هذه الرسالة المختصرة مكانة أهل بيت النبي - صلى الله عليه وسلم - عند أهل السنة والجماعة، وإظهار مُعتقَدهم فيهم.

    الناشر: جمعية الآل والأصحاب http://www.aal-alashab.org

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/335475

    التحميل:

  • من مخالفات النساء

    من مخالفات النساء: في هذه الرسالة بين الشيخ منزلة المرأة قبل الإسلام وبعده، مع ذكر بعض اعترافات الغربيين بحفظ الإسلام للمرأة، ثم بيان بعض مخالفات النساء.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/307780

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة