Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة الأحزاب - الآية 51

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
تُرْجِي مَن تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاءُ ۖ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ ۚ ذَٰلِكَ أَدْنَىٰ أَن تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ ۚ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَلِيمًا (51) (الأحزاب) mp3
قَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن بِشْر حَدَّثَنَا هِشَام بْن عُرْوَة عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا أَنَّهَا كَانَتْ تَغِير مِنْ النِّسَاء اللَّاتِي وَهَبْنَ أَنْفُسهنَّ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ أَلَا تَسْتَحْيِي الْمَرْأَة أَنْ تَعْرِض نَفْسهَا بِغَيْرِ صَدَاق ؟ فَأَنْزَلَ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ " تُرْجِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك مَنْ تَشَاء " الْآيَة قَالَتْ إِنِّي أَرَى رَبّك يُسَارِع لَك فِي هَوَاك وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْبُخَارِيّ رَوَاهُ مِنْ حَدِيث أَبَى أُسَامَة عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ تُرْجِي " أَيْ تُؤَخِّر " مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ " أَيْ مِنْ الْوَاهِبَات" وَتُؤْوِي إِلَيْك مَنْ تَشَاء " أَيْ مَنْ شِئْت قَبِلْتهَا وَمَنْ شِئْت رَدَدْتهَا وَمَنْ رَدَدْتهَا فَأَنْتَ فِيهَا أَيْضًا بِالْخِيَارِ بَعْد ذَلِكَ إِنْ شِئْت عُدْت فِيهَا فَأَوَيْتهَا وَلِهَذَا قَالَ" وَمَنْ اِبْتَغَيْت مِمَّنْ عَزَلْت فَلَا جُنَاح عَلَيْك " قَالَ عَامِر الشَّعْبِيّ فِي قَوْله تَعَالَى " تُرْجِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ" الْآيَة كُنَّ نِسَاءً وَهَبْنَ أَنْفُسهنَّ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَدَخَلَ بِبَعْضِهِنَّ وَأَرْجَأَ بَعْضهنَّ لَمْ يُنْكَحْنَ بَعْده مِنْهُنَّ أُمّ شَرِيك وَقَالَ آخَرُونَ بَلْ الْمُرَاد بِقَوْلِهِ " تُرْجِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ " الْآيَة أَيْ مِنْ أَزْوَاجِك لَا حَرَج عَلَيْك أَنْ تَتْرُك الْقَسْم لَهُنَّ فَتُقَدِّم مَنْ شِئْت وَتُؤَخِّر مَنْ شِئْت وَتُجَامِع مَنْ شِئْت وَتَتْرُك مَنْ شِئْت هَكَذَا يُرْوَى عَنْ اِبْن عَبَّاس وَمُجَاهِد وَالْحَسَن وَقَتَادَة وَأَبِي رَزِين وَعَبْد الرَّحْمَن بْن زَيْد اِبْن أَسْلَمَ وَغَيْرهمْ وَمَعَ هَذَا كَانَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِم لَهُنَّ وَلِهَذَا ذَهَبَ طَائِفَة مِنْ الْفُقَهَاء مِنْ الشَّافِعِيَّة وَغَيْرهمْ إِلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ الْقَسْم وَاجِبًا عَلَيْهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاحْتَجُّوا بِهَذِهِ الْآيَة الْكَرِيمَة وَقَالَ الْبُخَارِيّ حَدَّثَنَا حِبَّان بْن مُوسَى حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه هُوَ اِبْن الْمُبَارَك أَخْبَرَنَا عَاصِم الْأَحْوَل عَنْ مُعَاذ عَنْ عَائِشَة عَنْ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَسْتَأْذِن فِي الْيَوْم الْمَرْأَة مِنَّا بَعْد أَنْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَة " تُرْجِي مَنْ تَشَاء مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْك مَنْ تَشَاء وَمَنْ اِبْتَغَيْت مِمَّنْ عَزَلْت فَلَا جُنَاح عَلَيْك " فَقُلْت لَهَا مَا كُنْت تَقُولِينَ ؟ فَقَالَتْ كُنْت أَقُول إِنْ كَانَ ذَلِكَ إِلَيَّ فَإِنِّي لَا أُرِيد يَا رَسُول اللَّه أَنْ أُؤْثِر عَلَيْك أَحَدًا فَهَذَا الْحَدِيث عَنْهَا يَدُلّ عَلَى أَنَّ الْمُرَاد مِنْ ذَلِكَ عَدَم وُجُود الْقَسْم وَحَدِيثهَا الْأَوَّل يَقْتَضِي أَنَّ الْآيَة نَزَلَتْ فِي الْوَاهِبَات وَمِنْ هَهُنَا اِخْتَارَ اِبْن جَرِير أَنَّ الْآيَة عَامَّة فِي الْوَاهِبَات وَفِي النِّسَاء اللَّاتِي عِنْده أَنَّهُ مُخَيَّر فِيهِنَّ إِنْ شَاءَ قَسَمَ وَإِنْ شَاءَ لَمْ يَقْسِم وَهَذَا الَّذِي اِخْتَارَهُ حَسَن جَيِّد قَوِيّ وَفِيهِ جَمْع بَيْن الْأَحَادِيث وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى " ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ تَقَرّ أَعْيُنهنَّ وَلَا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِمَا آتَيْتهنَّ كُلّهنَّ" أَيْ إِذَا عَلِمْنَ أَنَّ اللَّه قَدْ وَضَعَ عَنْك الْحَرَج فِي الْقَسْم فَإِنْ شِئْت قَسَمْت وَإِنْ شِئْت لَمْ تَقْسِم لَا جُنَاح عَلَيْك فِي أَيّ ذَلِكَ فَعَلْت ثُمَّ مَعَ هَذَا إِنْ تَقْسِم لَهُنَّ اِخْتِيَارًا مِنْك لَا أَنَّهُ عَلَى سَبِيل الْوُجُوب فَرِحْنَ بِذَلِكَ وَاسْتَبْشَرْنَ بِهِ وَحَمَلْنَ جَمِيلَتك فِي ذَلِكَ وَاعْتَرَفْنَ بِمِنَّتِك عَلَيْهِنَّ فِي قِسْمَتك لَهُنَّ وَتَسْوِيَتك بَيْنهنَّ وَإِنْصَافك لَهُنَّ وَعَدْلِك فِيهِنَّ وَقَوْله تَعَالَى " وَاَللَّه يَعْلَم مَا فِي قُلُوبكُمْ " أَيْ مِنْ الْمَيْل إِلَى بَعْضهنَّ دُون بَعْض مِمَّا لَا يُمْكِن دَفْعه كَمَا قَالَ الْإِمَام أَحْمَد حَدَّثَنَا يَزِيد حَدَّثَنَا حَمَّاد بْن سَلَمَة عَنْ أَيُّوب عَنْ أَبِي قِلَابَة عَنْ عَبْد اللَّه بْن يَزِيد عَنْ عَائِشَة قَالَتْ : كَانَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقْسِم بَيْن نِسَائِهِ فَيَعْدِل ثُمَّ يَقُول اللَّهُمَّ هَذَا فِعْلِي فِيمَا أَمْلِك فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا تَمْلِك وَلَا أَمْلِك وَرَوَاهُ أَهْل السُّنَن الْأَرْبَعَة مِنْ حَدِيث حَمَّاد بْن سَلَمَة وَزَادَ أَبُو دَاوُدَ بَعْد قَوْله فَلَا تَلُمْنِي فِيمَا أَمْلِك يَعْنِي الْقَلْب وَإِسْنَاده صَحِيح وَرِجَاله كُلّهمْ ثِقَات وَلِهَذَا عَقَّبَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى" وَكَانَ اللَّه عَلِيمًا " أَيْ بِضَمَائِر السَّرَائِر " حَلِيمًا" أَيْ يَحْلُم وَيَغْفِر .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • اللهم سلم

    اللهم سلم: في زمن النسيان والغفلة والأمل والتسويف أقدم للإخوة القراء الجزء العاشر من سلسة «أين نحن من هؤلاء؟» تحت عنوان: «اللهم سلم». وفيه ذكر فضيلة الخوف من الله التي تقود إلى العمل وتحرك الهمم. وطرزته بحال السلف خوفًا ورجاء».

    الناشر: دار القاسم - موقع الكتيبات الإسلامية http://www.ktibat.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/229620

    التحميل:

  • الأوصاف الحميدة للمرأة المسلمة الرشيدة

    الأوصاف الحميدة للمرأة المسلمة الرشيدة : جمعت في هذه الرسالة أوصاف المرأة المحمودة لتتصف بها وتفوز بها فلا تتشبه بالرجال ولا بالكفار.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/209137

    التحميل:

  • بشارات العهد القديم بمحمد صلى الله عليه وسلم

    يقول المؤلف " طلب مني الأخوة الفضلاء القائمون على موقع (شبكة مشكاة الإسلاميه) أن أذكر لهم شيئاً مما كُتب عن نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم في كتب أهل الكتاب فنقلت لهم بعض ما أوردته في كتابي: (مسلمو أهل الكتاب وأثرهم في الدفاع عن القضايا القرآنية) وهذه البشارات نقلتها من مسلمي أهل الكتاب بمعنى أنني لم أدون أي نص أو بشارة إلا ما شهد عليه مسلم من أهل الكتاب أنه وجد هذا النص في كتابه. وقد أشرت في نهاية كل بشارة إلى اسم المهتدي الذي نقلتها منه ورقم الصفحة من كتابه ثم طابقتها على الطبعات المحدثة من ما يسمى "بالكتاب المقدس" ونتيجته "

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/260396

    التحميل:

  • بيان عقيدة أهل السنة والجماعة ولزوم اتباعها

    بيان عقيدة أهل السنة والجماعة ولزوم اتباعها: رسالة قيمة فيها ذِكْر لأصول عقيدة أهل السنة والجماعة إجمالاً، وذكر مفهوم العقيدة، ومن هم أهل السنة والجماعة، وأسماؤهم وصفاتهم.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1964

    التحميل:

  • مسند الشافعي

    مسند الشافعي : اشتمل هذا الكتاب على أحاديث رتبت على الأبواب الفقهية، بدأت بباب ما خرج من كتاب الوضوء، وانتهت بـ " ومن كتاب اختلاف علي وعبد الله مما لم يسمع الربيع من الشافعي ". ومن يتأمل الكتاب يبدو له بوضوح أن هذا الكتاب ليس من صنع الشافعي - رحمه الله -، وإنما هو تجميع لمروياته التي سمعها منه الربيع بن سليمان، مع إضافة مرويات أخرى له من غير طريق الشافعي، قال الحافظ ابن حجر في تعريفه بهذا الكتاب: " مسند الشافعي - رحمه الله تعالى - وهو: عبارة عن الأحاديث التي وقعت في مسموع أبي العباس الأصم، على الربيع بن سليمان من [ كتاب الأم ]، و[ المبسوط ]، التقطها بعض النيسابوريين من الأبواب " ( المعجم المفهرس ص: 39)، وقال الكتاني في الرسالة المستطرفة: " وليس هو من تصنيفه، وإنما هو عبارة عن الأحاديث التي أسندها؛ مرفوعها موقوفها، ووقعت في مسموع أبي العباس محمد بن يعقوب بن يوسف بن معقل بن سنان الأصم الأموي، مولاهم المعقلي النيسابوري، عن الربيع بن سليمان بن عبد الجبار بن كامل المرادي مولاهم، المؤذن المصري صاحب الشافعي وراوية كتبه، من كتابي(الأم ) و( المبسوط ) للشافعي، إلا أربعة أحاديث رواها الربيع عن البويطي عن الشافعي، التقطها بعض النيسابوريين؛ وهو: أبو عمرو محمد بن جعفر بن محمد بن مطر المطري العدل النيسابوري الحافظ، من شيوخ الحاكم، من الأبواب لأبي العباس الأصم المذكور لحصول الرواية له بها عن الربيع، وقيل: جمعها الأصم لنفسه، فسمى ذلك مسند الشافعي، ولم يرتبه؛ فلذا وقع التكرار فيه في غيرما موضع ".

    الناشر: موقع أم الكتاب http://www.omelketab.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/140689

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة