Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة آل عمران - الآية 172

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ ۚ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172) (آل عمران) mp3
قَوْله تَعَالَى " الَّذِينَ اِسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُول مِنْ بَعْد مَا أَصَابَهُمْ الْقَرْح " . هَذَا كَانَ يَوْم حَمْرَاء الْأَسَد وَذَلِكَ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ لَمَّا أَصَابُوا مَا أَصَابُوا مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَرُّوا رَاجِعِينَ إِلَى بِلَادهمْ فَلِمَا اِسْتَمَرُّوا فِي سَيْرهمْ نَدِمُوا لِمَ لَا تَمَّمُوا عَلَى أَهْل الْمَدِينَة وَجَعَلُوهَا الْفَيْصَلَة فَلَمَّا بَلَغَ ذَلِكَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَدَبَ الْمُسْلِمِينَ إِلَى الذَّهَاب وَرَاءَهُمْ لِيُرْعِبَهُمْ وَيُرِيَهُمْ أَنَّ بِهِمْ قُوَّة وَجَلَدًا وَلَمْ يَأْذَن لِأَحَدٍ سِوَى مَنْ حَضَرَ الْوَقْعَة يَوْم أُحُد سِوَى جَابِر بْن عَبْد اللَّه رَضِيَ اللَّه عَنْهُ لِمَا سَنَذْكُرُهُ فَانْتُدِبَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى مَا بِهِمْ مِنْ الْجِرَاح وَالْإِثْخَان طَاعَة لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اِبْن أَبِي حَاتِم حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن عَبْد اللَّه بْن يَزِيد حَدَّثَنَا سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرو عَنْ عِكْرِمَة قَالَ : لَمَّا رَجَعَ الْمُشْرِكُونَ عَنْ أُحُد قَالُوا : لَا مُحَمَّدًا قَتَلْتُمْ وَلَا الْكَوَاعِب أَرْدَفْتُمْ : بِئْسَ مَا صَنَعْتُمْ اِرْجِعُوا فَسَمِعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فَنَدَبَ الْمُسْلِمِينَ فَانْتُدِبُوا حَتَّى بَلَغُوا حَمْرَاء الْأَسَد - أَوْ بِئْر أَبِي عُيَيْنَةَ - الشَّكّ مِنْ سُفْيَان - فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ : نَرْجِع مِنْ قَابِل فَرَجَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَكَانَتْ تُعَدّ غَزْوَة فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى " الَّذِينَ اِسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُول مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمْ الْقَرْح لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْر عَظِيم " . وَرَوَى اِبْن مَرْدُوَيه مِنْ حَدِيث مُحَمَّد بْن مَنْصُور عَنْ سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرو عَنْ عِكْرِمَة عَنْ اِبْن عَبَّاس فَذَكَرَهُ - وَقَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَق : كَانَ يَوْم أُحُد يَوْم السَّبْت النِّصْف مِنْ شَوَّال فَلَمَّا كَانَ الْغَد مِنْ يَوْم الْأَحَد لِسِتَّ عَشْرَة لَيْلَة مَضَتْ مِنْ شَوَّال أَذَّنَ مُؤَذِّن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي النَّاس بِطَلَبِ الْعَدُوّ وَأَذَّنَ مُؤَذِّنه أَنْ لَا يَخْرُجَنَّ مَعَنَا أَحَد إِلَّا مَنْ حَضَرَ يَوْمنَا بِالْأَمْسِ فَكَلَّمَهُ جَابِر بْن عَبْد اللَّه بْن عَمْرو بْن حَرَام فَقَالَ يَا رَسُول اللَّه إِنَّ أَبِي كَانَ خَلَّفَنِي عَلَى أَخَوَات لِي سَبْع وَقَالَ : يَا بُنَيّ إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِي وَلَا لَك أَنْ نَتْرُك هَؤُلَاءِ النِّسْوَة لَا رَجُل فِيهِنَّ وَلَسْت بِاَلَّذِي أُوثِرُكَ بِالْجِهَادِ مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى نَفْسِي فَتَخَلَّفْ عَلَى أَخَوَاتك فَتَخَلَّفْت عَلَيْهِنَّ فَأَذِنَ لَهُ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ مَعَهُ وَإِنَّمَا خَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُرْهِبًا لِلْعَدُوِّ وَلِيُبْلِغَهُمْ أَنَّهُ خَرَجَ فِي طَلَبهمْ لِيَظُنُّوا بِهِ قُوَّة وَأَنَّ الَّذِي أَصَابَهُمْ لَمْ يُوهِنهُمْ عَنْ عَدُوّهُمْ . قَالَ مُحَمَّد بْن إِسْحَق : فَحَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن خَارِجَة بْن زَيْد بْن ثَابِت عَنْ أَبِي السَّائِب مَوْلَى عَائِشَة بِنْت عُثْمَان أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَنِي عَبْد الْأَشْهَل كَانَ قَدْ شَهِدَ أُحُدًا قَالَ : شَهِدْنَا أُحُدًا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَا وَأَخِي فَرَجَعْنَا جَرِيحَيْنِ فَلَمَّا أَذَّنَ مُؤَذِّن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْخُرُوجِ فِي طَلَب الْعَدُوّ وَقُلْت لِأَخِي - أَوْ قَالَ لِي - : أَتَفُوتُنَا غَزْوَة مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ وَاَللَّه مَا لَنَا مِنْ دَابَّة نَرْكَبهَا وَمَا مِنَّا إِلَّا جَرِيح ثَقِيل فَخَرَجْنَا مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكُنْت أَيْسَر جِرَاحًا مِنْهُ فَكَانَ إِذَا غَلَبَ حَمَلْته عُقْبَةً حَتَّى اِنْتَهَيْنَا إِلَى مَا اِنْتَهَى إِلَيْهِ الْمُسْلِمُونَ . وَقَالَ الْبُخَارِيّ : حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن سَلَّام حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَة عَنْ هِشَام عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا " الَّذِينَ اِسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُول " الْآيَة . قُلْت لِعُرْوَةَ : يَا اِبْن أُخْتِي كَانَ أَبُوك مِنْهُمْ الزُّبَيْر وَأَبُو بَكْر رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا لَمَّا أَصَابَ نَبِيّ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا أَصَابَهُ يَوْم أُحُد وَانْصَرَفَ عَنْهُ الْمُشْرِكُونَ خَافَ أَنْ يَرْجِعُوا فَقَالَ " مَنْ يَرْجِع فِي أَثَرهمْ " فَانْتَدَبَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا فِيهِمْ أَبُو بَكْر وَالزُّبَيْر هَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيّ مُنْفَرِدًا بِهِ بِهَذَا السِّيَاق وَهَكَذَا رَوَاهُ الْحَاكِم فِي مُسْتَدْرَكه عَنْ الْأَصَمّ عَنْ أَبِي الْعَبَّاس الدُّورِيّ عَنْ أَبِي النَّضْر عَنْ أَبَى سَعِيد الْمُؤَدِّب عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة بِهِ : ثُمَّ قَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ كَذَا قَالَ : وَرَوَاهُ اِبْن مَاجَهْ عَنْ هِشَام بْن عَمَّار وَهُدْبَة بْن عَبْد الْوَهَّاب عَنْ سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ عَنْ هِشَام بْن عُرْوَة بِهِ وَهَكَذَا رَوَاهُ سَعِيد بْن مَنْصُور وَأَبُو بَكْر الْحُمَيْدِيّ فِي مُسْنَده عَنْ سُفْيَان بِهِ وَقَدْ رَوَاهُ الْحَاكِم أَيْضًا مِنْ حَدِيث إِسْمَاعِيل بْن أَبِي خَالِد عَنْ التَّيْمِيّ عَنْ عُرْوَة وَقَالَ : قَالَتْ لِي عَائِشَة إِنَّ أَبَاك مِنْ الَّذِينَ اِسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُول مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمْ الْقَرْح ثُمَّ قَالَ صَحِيح عَلَى شَرْط الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ - وَقَالَ أَبُو بَكْر بْن مَرْدُوَيه حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن جَعْفَر مِنْ أَصْل كِتَابه أَنْبَأَنَا سَمُّويَة أَنْبَأَنَا عَبْد اللَّه بْن الزُّبَيْر أَنْبَأَنَا سُفْيَان أَنْبَأَنَا هِشَام عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا قَالَتْ : قَالَ لِي رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنْ كَانَ أَبَوَاك لَمِنْ الَّذِينَ اِسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُول مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمْ الْقَرْح أَبُو بَكْر وَالزُّبَيْر " وَرَفْعُ هَذَا الْحَدِيث خَطَأ مَحْض مِنْ جِهَة إِسْنَاده لِمُخَالَفَتِهِ رِوَايَة الثِّقَات مِنْ وَقْفِهِ عَلَى عَائِشَة رَضِيَ اللَّه عَنْهَا كَمَا قَدَّمْنَاهُ وَمِنْ جِهَة مَعْنَاهُ فَإِنَّ الزُّبَيْر لَيْسَ هُوَ مِنْ آبَاء عَائِشَة وَإِنَّمَا قَالَتْ ذَلِكَ عَائِشَة لِعُرْوَةَ بْن الزُّبَيْر لِأَنَّهُ اِبْن أُخْتهَا أَسْمَاء بِنْت أَبِي بَكْر الصِّدِّيق رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ - وَقَالَ اِبْن جَرِير : حَدَّثَنِي مُحَمَّد بْن سَعْد حَدَّثَنِي عَمِّي حَدَّثَنِي أَبِي عَنْ أَبِيهِ عَنْ اِبْن عَبَّاس قَالَ : إِنَّ اللَّه قَذَفَ فِي قَلْب أَبِي سُفْيَان الرُّعْب يَوْم أُحُد بَعْدَمَا كَانَ مِنْهُ مَا كَانَ فَرَجَعَ إِلَى مَكَّة فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ أَبَا سُفْيَان قَدْ أَصَابَ مِنْكُمْ طَرَفًا وَقَدْ رَجَعَ وَقَدْ قَذَفَ اللَّه فِي قَلْبه الرُّعْب " وَكَانَتْ وَقْعَة أُحُد فِي شَوَّال وَكَانَ التُّجَّار يَقْدَمُونَ الْمَدِينَة فِي ذِي الْقَعْدَة فَيَنْزِلُونَ بِبَدْرٍ الصُّغْرَى فِي كُلّ سَنَة مَرَّة وَإِنَّهُمْ قَدِمُوا بَعْد وَقْعَة أُحُد وَكَانَ أَصَابَ الْمُؤْمِنِينَ الْقَرْح وَاشْتَكَوْا ذَلِكَ إِلَى النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاشْتَدَّ عَلَيْهِمْ الَّذِي أَصَابَهُمْ وَأَنَّ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَدَبَ النَّاس لِيَنْطَلِقُوا مَعَهُ وَيَتَّبِعُوا مَا كَانُوا مُتَّبِعِينَ وَقَالَ " إِنَّمَا يَرْتَحِلُونَ الْآن فَيَأْتُونَ الْحَجّ وَلَا يَقْدِرُونَ عَلَى مِثْلهَا حَتَّى عَام مُقْبِل " فَجَاءَ الشَّيْطَان يُخَوِّف أَوْلِيَاءَهُ فَقَالَ : إِنَّ النَّاس قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَأَبَى عَلَيْهِ النَّاس أَنْ يَتَّبِعُوهُ وَقَالَ " إِنِّي ذَاهِب وَإِنْ لَمْ يَتَّبِعْنِي أَحَد لِأَحْضُضَ النَّاس " فَانْتَدَبَ مَعَهُ الصِّدِّيق وَعُمَر وَعُثْمَان وَعَلِيّ وَالزُّبَيْر وَسَعْد وَطَلْحَة وَعَبْد الرَّحْمَن بْن عَوْف وَعَبْد اللَّه بْن مَسْعُود وَحُذَيْفَة بْن الْيَمَان وَأَبُو عُبَيْدَة بْن الْجَرَّاح فِي سَبْعِينَ رَجُلًا فَسَارُوا فِي طَلَب أَبِي سُفْيَان فَطَلَبُوهُ حَتَّى بَلَغُوا الصَّفْرَاء فَأَنْزَلَ اللَّه تَعَالَى " الَّذِينَ اِسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُول مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمْ الْقَرْح " الْآيَة . ثُمَّ قَالَ اِبْن إِسْحَق فَخَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى اِنْتَهَى إِلَى حَمْرَاء الْأَسَد وَهِيَ مِنْ الْمَدِينَة عَلَى ثَمَانِيَة أَمْيَال قَالَ اِبْن هِشَام : وَاسْتَعْمَلَ عَلَى الْمَدِينَة اِبْن أُمّ مَكْتُوم فَأَقَامَ بِهَا الِاثْنَيْنِ وَالثُّلَاثَاء وَالْأَرْبِعَاء ثُمَّ رَجَعَ إِلَى الْمَدِينَة وَقَدْ مَرَّ بِهِ كَمَا حَدَّثَنِي عَبْد اللَّه بْن أَبِي بَكْر مَعْبَد بْن أَبِي مَعْبَد الْخُزَاعِيّ وَكَانَتْ خُزَاعَة مُسْلِمهمْ وَمُشْرِكهمْ عَيْبَةَ نُصْحٍ لِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتِهَامَةَ صَفْقَتهمْ مَعَهُ لَا يُخْفُونَ عَنْهُ شَيْئًا كَانَ بِهَا وَمَعْبَد يَوْمئِذٍ كَانَ مُشْرِكًا فَقَالَ : يَا مُحَمَّد أَمَا وَاَللَّه لَقَدْ عَزَّ عَلَيْنَا مَا أَصَابَك فِي أَصْحَابك وَلَوَدِدْنَا أَنَّ اللَّه عَافَاك فِيهِمْ ثُمَّ خَرَجَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَمْرَاءِ الْأَسَد حَتَّى لَقِيَ أَبَا سُفْيَان بْن حَرْب وَمَنْ مَعَهُ بِالرَّوْحَاءِ وَقَدْ أَجْمَعُوا الرَّجْعَة إِلَى رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابه وَقَالُوا أَصَبْنَا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابه وَقَادَتهمْ وَأَشْرَافهمْ ثُمَّ نَرْجِع قَبْل أَنْ نَسْتَأْصِلهُمْ ؟ لَنَكُرَّنَّ عَلَى بَقِيَّتهمْ ثُمَّ لَنَفْرُغَنَّ مِنْهُمْ فَلَمَّا رَأَى أَبُو سُفْيَان مَعْبَدًا قَالَ : مَا وَرَاءَك يَا مَعْبَد ؟ قَالَ : مُحَمَّد وَأَصْحَابه يَطْلُبكُمْ فِي جَمْع لَمْ أَرَ مِثْله يَتَحَرَّقُونَ عَلَيْكُمْ تَحَرُّقًا قَدْ اِجْتَمَعَ مَعَهُ مَنْ كَانَ تَخَلَّفَ عَنْهُ فِي يَوْمكُمْ وَنَدِمُوا عَلَى مَا صَنَعُوا فَهُمْ مِنْ الْحَنَق عَلَيْكُمْ بِشَيْءٍ لَمْ أَرَ مِثْله قَطُّ قَالَ : وَيْلك مَا تَقُولهُ ؟ قَالَ وَاَللَّه مَا أَرَى أَنْ تَرْتَحِل حَتَّى تَرَى نَوَاصِيَ الْخَيْل قَالَ فَوَاَللَّهِ لَقَدْ أَجْمَعنَا الْكَرَّة عَلَيْهِمْ لِنَسْتَأْصِل بَقِيَّتهمْ قَالَ فَإِنِّي أَنْهَاك عَنْ ذَلِكَ وَوَاللَّهِ لَقَدْ حَمَلَنِي مَا رَأَيْت عَلَى أَنْ قُلْت فِيهِمْ أَبْيَاتًا مِنْ شَعْر قَالَ وَمَا قُلْت ؟ قَالَ قُلْت : كَادَتْ تُهَدّ مِنْ الْأَصْوَات رَاحِلَتِي إِذْ سَالَتْ الْأَرْض بِالْجُرْدِ الْأَبَابِيل تُرْدَى بِأُسُدٍ كِرَامٍ لَا تَنَابِلَة عِنْد اللِّقَاء وَلَا مِيل مَعَازِيل فَظَلْت أَعْدُو أَظُنّ الْأَرْض مَائِلَة لَمَّا سَمَوْا بِرَئِيسٍ غَيْر مَخْذُول فَقُلْت وَيْل اِبْن حَرْب مِنْ لِقَائِكُمْ إِذَا تَغَطْمَطَتِ الْبَطْحَاء بِالْخَيْلِ إِنِّي نَذِير لِأَهْلِ السَّيْل ضَاحِيَة لِكُلِّ ذِي إِرْبَة مِنْهُمْ وَمَعْقُول مِنْ جَيْش أَحْمَد لَا وَخْش تَنَابِلَة وَلَيْسَ يُوصَف مَا أَنْذَرْت بِالْقِيلِ قَالَ فَثَنَى ذَلِكَ أَبَا سُفْيَان وَمَنْ مَعَهُ وَمَرَّ بِهِ رَكْب مِنْ عَبْد الْقَيْس فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُونَ ؟ قَالُوا نُرِيد الْمَدِينَة قَالَ وَلِمَ ؟ قَالُوا نُرِيد الْمِيرَة ؟ قَالَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُبَلِّغُونَ عَنِّي مُحَمَّدًا رِسَالَة أُرْسِلكُمْ بِهَا إِلَيْهِ وَأَحْمِل لَكُمْ هَذِهِ غَدًا زَبِيبًا بِعُكَاظٍ إِذَا وَافَيْتُمُونَا ؟ قَالُوا نَعَمْ قَالَ فَإِذَا وَافَيْتُمُوهُ فَأَخْبِرُوهُ أَنَّهُ قَدْ أَجْمَعنَا الْمَسِير إِلَيْهِ وَإِلَى أَصْحَابه لِنَسْتَأْصِلَ بَقِيَّتهمْ فَمَرَّ الرَّكْب بِرَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِحَمْرَاءِ الْأَسَد فَأَخْبَرُوهُ بِاَلَّذِي قَالَ أَبُو سُفْيَان وَأَصْحَابه فَقَالُوا " حَسْبُنَا اللَّه وَنِعْمَ الْوَكِيل " وَذَكَرَ اِبْن هِشَام عَنْ أَبِي عُبَيْدَة قَالَ : قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِين بَلَغَهُ رُجُوعهمْ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ سُوِّمَتْ لَهُمْ حِجَارَة لَوْ أَصْبَحُوا بِهَا لَكَانُوا كَأَمْسِ الذَّاهِب " وَقَالَ الْحَسَن الْبَصْرِيّ فِي قَوْله " الَّذِينَ اِسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُول مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمْ الْقَرْح " إِنَّ أَبَا سُفْيَان وَأَصْحَابه أَصَابُوا مِنْ الْمُسْلِمِينَ مَا أَصَابُوا وَرَجَعُوا فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ أَبَا سُفْيَان قَدْ رَجَعَ وَقَدْ قَذَفَ اللَّه فِي قَلْبه الرُّعْب فَمَنْ يَنْتَدِب فِي طَلَبه فَقَامَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبُو بَكْر وَعُمَر وَعُثْمَان وَعَلِيّ وَنَاس مِنْ أَصْحَاب رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَبِعُوهُمْ فَبَلَغَ أَبَا سُفْيَان أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطْلُبهُ فَلَقِيَ عِيرًا مِنْ التُّجَّار فَقَالَ رُدُّوا مُحَمَّدًا وَلَكُمْ مِنْ الْجُعَل كَذَا وَكَذَا وَأَخْبِرُوهُمْ أَنِّي قَدْ جَمَعْت جُمُوعًا وَأَنِّي رَاجِع إِلَيْهِمْ فَجَاءَ التُّجَّار فَأَخْبَرُوا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فَقَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " حَسْبُنَا اللَّه وَنِعْمَ الْوَكِيل " فَأَنْزَلَ اللَّه هَذِهِ الْآيَة وَهَكَذَا قَالَ عِكْرِمَة وَقَتَادَة وَغَيْر وَاحِد إِنَّ هَذَا السِّيَاق نَزَلَ فِي شَأْن غَزْوَة حَمْرَاء الْأَسَد وَقِيلَ نَزَلَتْ فِي بَدْر الْمَوْعِد وَالصَّحِيح الْأَوَّل .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • صلاة الاستسقاء في ضوء الكتاب والسنة

    صلاة الاستسقاء في ضوء الكتاب والسنة: قال المؤلف - حفظه الله -: «فهذه رسالة مختصرة في صلاة الاستسقاء وما يتعلق بها من أحكام، بيَّنت فيها بفضل الله تعالى: مفهوم الاستسقاء، وحكمه، وأسباب القحط وحبس المطر، وأنواع الاستسقاء، وآدابه التي ينبغي للمسلمين أن يلتزموا بها في الاستسقاء، وبيّنت كيفية صلاة الاستسقاء، وموضع خطبة الاستسقاء، وأن السنة في الدعاء المبالغة في رفع اليدين، ثم ذكرت أدعية نبوية ثبتت في الاستسقاء، وأن السنة تحويل الرداء في آخر خطبة الاستسقاء واستقبال القبلة، وبيَّنت أن الاستسقاء بالكواكب والأنواء من أمور الجاهلية، ثم ذكرت الآداب المختصة بالمطر، وختمت بذكر آيات من آيات الله تعالى: الرعد، والبرق، والصواعق، والزلازل فذكرت كلام أهل العلم على ذلك، وقد استفدت كثيرًا من تقريرات، وترجيحات شيخنا الإمام عبد العزيز بن عبد الله بن باز - رحمه الله تعالى -».

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/1938

    التحميل:

  • أعمال القلوب [ المحاسبة ]

    أعمال القلوب [ المحاسبة ]: قال المصنف - حفظه الله -: «فإن محاسبة النفس طريقة المؤمنين، وسمة الموحدين، وعنوان الخاشعين، فالمؤمنُ مُتَّقٍ لربه، مُحاسِبٌ لنفسه مُستغفِرٌ لذنبه، يعلم أن النفس خطرها عظيم، وداؤها وخيم، ومكرها كبير، وشرها مستطير ... ولذا ينبغي على العبد أن يزِنَ نفسَه قبل أن يُوزَن، ويُحاسِبها قبل أن يُحاسَب، ويتزيَّن ويتهيَّأ للعرض على الله. وسنتطرَّق في هذا الكتيب لبيان بعض ما قيل في مُحاسَبة الإنسان لنفسه».

    الناشر: موقع الشيخ محمد صالح المنجد www.almunajjid.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/355753

    التحميل:

  • رسالة في الدماء الطبيعية للنساء

    رسالة في الدماء الطبيعية للنساء: بحث يفصل فيه فضيلة الشيخ أحكام الدماء الطبيعية للنساء، وتنقسم الرسالة إلى سبعة فصول على النحو التالي : الفصل الأول: في معنى الحيض وحكمته. الفصل الثاني: في زمن الحيض ومدته. الفصل الثالث: في الطوارئ على الحيض. الفصل الرابع: في أحكام الحيض. الفصل الخامس: في الاستحاضة وأحكامها. الفصل السادس: في النفاس وحكمه. الفصل السابع: في استعمال مايمنع الحيض أو يجلبه، وما يمنع الحمل أو يسقطه.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/44936

    التحميل:

  • فتاوى ومسائل

    هذا الملف يحتوي على مجموعة من مسائل وفتاوى الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله وجزاه عن الإسلام والمسلمين خيراً.

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/264160

    التحميل:

  • الإمام محمد بن سعود دولة الدعوة والدعاة

    الإمام محمد بن سعود - رحمه الله - هو أحد الرواد الكبار، والبناة العظام في تاريخ أمتنا الخاص والعام. فقد قيضه الله تعالى لكي ينهي - بتوفيق الله - حقبة عصيبة تراكمت فيها البدع والمظالم والجهالة، وانحرفت عقائد كثير من المسلمين، ولكي يبدأ عهدا جديدا قوامه عقيدة التوحيد الصافية، وشريعة الإسلام الخالدة العادلة، لقد نصر الإمام دعوة الإسلام، وسخر سلطانه ووسائل ملكه لتجديد دعوة التوحيد، وتطبيق أحكام الشريعة، وفي هذا الكتاب صفحات من حياته.

    الناشر: موقع الإسلام http://www.al-islam.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/110566

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة