Muslim Library

تفسير ابن كثر - سورة البقرة - الآية 132

خيارات حفظ الصفحة والطباعة

حفظ الصفحة بصيغة ووردحفظ الصفحة بصيغة النوت باد أو بملف نصيحفظ الصفحة بصيغة htmlطباعة الصفحة
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email
وَوَصَّىٰ بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَىٰ لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (132) (البقرة) mp3
وَقَوْله " وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيم بَنِيهِ وَيَعْقُوب" أَيْ وَصَّى بِهَذِهِ الْمِلَّة وَهِيَ الْإِسْلَام لِلَّهِ أَوْ يَعُود الضَّمِير عَلَى الْكَلِمَة وَهِيَ قَوْله " أَسْلَمْت لِرَبِّ الْعَالَمِينَ" لِحِرْصِهِمْ عَلَيْهَا وَمَحَبَّتهمْ لَهَا حَافَظُوا عَلَيْهَا إِلَى حِين الْوَفَاة وَوَصَّوْا أَبْنَاءَهُمْ بِهَا مِنْ بَعْدهمْ كَقَوْلِهِ تَعَالَى " وَجَعَلَهَا كَلِمَة بَاقِيَة فِي عَقِبه " وَقَدْ قَرَأَ بَعْض السَّلَف وَيَعْقُوب بِالنَّصْبِ عَطْفًا عَلَى بَنِيهِ كَأَنَّ إِبْرَاهِيم وَصَّى بَنِيهِ وَابْن اِبْنه يَعْقُوب بْن إِسْحَاق وَكَانَ حَاضِرًا ذَلِكَ وَقَدْ اِدَّعَى الْقُشَيْرِيّ فِيمَا حَكَاهُ الْقُرْطُبِيّ عَنْهُ أَنَّ يَعْقُوب إِنَّمَا وُلِدَ بَعْد وَفَاة إِبْرَاهِيم وَيَحْتَاج مِثْل هَذَا إِلَى دَلِيل صَحِيح وَالظَّاهِر وَاَللَّه أَعْلَم أَنَّ إِسْحَاق وُلِدَ لَهُ يَعْقُوب فِي حَيَاة الْخَلِيل وَسَارَة لِأَنَّ الْبِشَارَة وَقَعَتْ بِهِمَا فِي قَوْله " فَبَشَّرْنَاهَا بِإِسْحَاق وَمِنْ وَرَاء إِسْحَاق يَعْقُوب " وَقَدْ قُرِئَ بِنَصْبِ يَعْقُوب هَاهُنَا عَلَى نَزْع الْخَافِض فَلَوْ لَمْ يُوجَد يَعْقُوب فِي حَيَاتهمَا لَمَا كَانَ لِذِكْرِهِ مِنْ بَيْن ذُرِّيَّة إِسْحَاق كَبِير فَائِدَة وَأَيْضًا فَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى فِي سُورَة الْعَنْكَبُوت " وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاق وَيَعْقُوب وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّته النُّبُوَّة وَالْكِتَاب " الْآيَة وَقَالَ فِي الْآيَة الْأُخْرَى وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاق وَيَعْقُوب نَافِلَة وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّهُ وُجِدَ فِي حَيَاته وَأَيْضًا فَإِنَّهُ بَانِي بَيْت الْمَقْدِس كَمَا نَطَقَتْ بِذَلِكَ الْكُتُب الْمُتَقَدِّمَة وَثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيث أَبِي ذَرّ قُلْت : يَا رَسُول اللَّه أَيّ مَسْجِد وُضِعَ أَوَّلَ ؟ قَالَ " الْمَسْجِد الْحَرَام " قُلْت ثُمَّ أَيّ ؟ قَالَ " بَيْت الْمَقْدِس " قُلْت كَمْ بَيْنهمَا : قَالَ " أَرْبَعُونَ سَنَة " الْحَدِيث فَزَعَمَ اِبْن حِبَّان أَنَّ بَيْن سُلَيْمَان الَّذِي اِعْتَقَدَ أَنَّهُ بَانِي بَيْت الْمَقْدِس - وَإِنَّمَا كَانَ جَدَّدَهُ بَعْد خَرَابه وَزَخْرَفَهُ - وَبَيْن إِبْرَاهِيم أَرْبَعِينَ سَنَة وَهَذَا مِمَّا أُنْكِرَ عَلَى اِبْن حِبَّان فَإِنَّ الْمُدَّة بَيْنهمَا تَزِيد عَلَى أُلُوف السِّنِينَ وَاَللَّه أَعْلَم وَأَيْضًا فَإِنَّ وَصِيَّة يَعْقُوب لِبَنِيهِ سَيَأْتِي ذِكْرهَا قَرِيبًا وَهَذَا يَدُلّ عَلَى أَنَّهُ هَاهُنَا مِنْ جُمْلَة الْمُوصِينَ وَقَوْله يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّه اِصْطَفَى لَكُمْ الدِّين فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ أَيْ أَحْسِنُوا فِي حَال الْحَيَاة وَالْزَمُوا هَذَا لِيَرْزُقكُمْ اللَّهُ الْوَفَاةَ عَلَيْهِ فَإِنَّ الْمَرْء يَمُوت غَالِبًا عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ وَيُبْعَث عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ وَقَدْ أَجْرَى اللَّهُ الْكَرِيمُ عَادَتَهُ بِأَنَّ مَنْ قَصَدَ الْخَيْر وُفِّقَ لَهُ وَيُسِّرَ عَلَيْهِ وَمَنْ نَوَى صَالِحًا ثَبَتَ عَلَيْهِ وَهَذَا لَا يُعَارِضُ مَا جَاءَ فِي الْحَدِيث الصَّحِيح " إِنَّ الرَّجُل لَيَعْمَل بِعَمَلِ أَهْل الْجَنَّة حَتَّى مَا يَكُون بَيْنه وَبَيْنهَا إِلَّا بَاع أَوْ ذِرَاع فَيَسْبِق عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَل بِعَمَلِ أَهْل النَّار فَيَدْخُلهَا وَإِنَّ الرَّجُل لَيَعْمَل بِعَمَلِ أَهْل النَّار حَتَّى مَا يَكُون بَيْنه وَبَيْنهَا إِلَّا بَاع أَوْ ذِرَاع فَيَسْبِق عَلَيْهِ الْكِتَاب فَيَعْمَل بِعَمَلِ أَهْل الْجَنَّة فَيَدْخُلهَا" لِأَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي بَعْض رِوَايَات هَذَا الْحَدِيث " فَيَعْمَل بِعَمَلِ أَهْل الْجَنَّة فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ وَبِعَمَلِ أَهْل النَّار فِيمَا يَبْدُو لِلنَّاسِ " وَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى " فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى " .
none
Facebook Twitter Google+ Pinterest Reddit StumbleUpon Linkedin Tumblr Google Bookmarks Email

كتب عشوائيه

  • طريق السعادة

    الطريق الوحيد لتحقيق السعادة الحقيقية هو الإسلام وما يدعو إليه من الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر.

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/385930

    التحميل:

  • إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان

    إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان : رسالة للإمام ابن القيم - رحمه الله - موضوعها مسألة حكم طلاق الغضبان هل يقع أم لا ؟ وقد حرر فيها موضوع النزاع بتفصيل أقسام الغضب وما يلزم على كل قسم من نفوذ الطلاق والعقود.

    المدقق/المراجع: عبد الرحمن بن حسن بن قائد

    الناشر: دار عالم الفوائد للنشر والتوزيع

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/265608

    التحميل:

  • معجم المناهي اللفظية

    معجم المناهي اللفظية : فهذا بابٌ من التأليف جامع لجملة كبيرة من الألفاظ، والمقولات، والدائرة على الألسن قديماً، وحديثاً، المنهي عن التلفظ بها؛ لذاتها، أو لمتعلقاتها، أو لمعنى من ورائها، كالتقيد بزمان، أو مكان، وما جرى مجرى ذلك من مدلولاتها.

    الناشر: دار العاصمة للنشر والتوزيع بالرياض

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/169026

    التحميل:

  • تدبر القرآن

    ما الحكمة من كثرة القراءة؟ وأيهما أفضل: كثرة القراءة أم التأني بالقراءة إذا كان وقت القراءة واحدا؟ وهل يكرر المرء الآيات التي أثرت فيه أو يستثمر الوقت في مزيد من القراءة ليختم السورة؟ ولماذا لا يخشع أكثر الناس إلا عند آيات العذاب وذكر النار؟ أسئلة يجيب عنها وعن غيرها الكاتب في بيان أهمية تدبر القرآن.

    الناشر: موقع صيد الفوائد www.saaid.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/339892

    التحميل:

  • قصص الأنبياء

    قصص الأنبياء: في هذه الصفحة نسخة الكترونية مفهرسة، تتميز بسهولة التصفح والوصول إلى المعلومة من كتاب قصص الأنبياء المستل من كتاب الحافظ إسماعيل بن عمر بن كثير (ت774هـ) "البداية والنهاية" في التاريخ، وقد بين قصصهم - عليهم السلام - من خلال ما جاء في آيات القرآن والأحاديث النبوية والمأثور من الأقوال والتفاسير.

    الناشر: المكتب التعاوني للدعوة وتوعية الجاليات بالربوة http://www.IslamHouse.com - موقع أم الكتاب http://www.omelketab.net

    المصدر: http://www.islamhouse.com/p/2430

    التحميل:

اختر سوره

اختر اللغة